فصل: باب علو أمره على من عاداه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد **


 باب بيعة من لم يحتلم

9875-عن محمد بن علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع الحسن والحسين وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر وهم صغار ولم يبقلوا ولم يبلغوا ولم يبايع صغيراً إلا منا‏.‏

رواه الطبراني وهو مرسل ورجاله ثقات‏.‏ وفي ترجمة عبد الله بي الزبير وغيره نحو هذا‏.‏

  باب ابتداء أمر الأنصار والبيعة على الحرب

9876-عن عروة قال‏:‏ لما حضر الموسم حج نفر من الأنصار من بني مازن بن النجار منهم معاذ بن عفراء وأسعد بن زرارة‏.‏ ومن بني زريق‏:‏ رافع بن مالك وذكوان بن عبد القيس‏.‏ ومن بني عبد الأشهل‏:‏ أبو الهيثم بن التيهان‏.‏ ومن بني عمرو بن عوف‏:‏ عويم بن ساعدة‏.‏ وأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرهم خبرهم الذي اصطفاه الله به من نبوته وكرامته وقرأ عليهم القرآن فلما سمعوا قوله أنصتوا واطمأنت أنفسهم إلى دعوته وعرفوا ما

كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم إياه بصفته وما يدعوهم إليه،فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب الخير ثم قالوا له‏:‏ قد علمت الذي بين الأوس والخزرج من الدماء ونحن نحب ما أرشد الله به أمرك ونحن - لله ولك - مجتهدون وإنا نشير عليك بما ترى فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنخبرهم بشأنك وندعوهم إلى الله ورسوله فلعل الله يصلح بيننا ويجمع أمرنا فإنا اليوم متباعدون متباغضون فإن تقدم علينا اليوم ولم نصطلح لم يكن لنا جماعة عليك ونحن نواعدك الموسم من العام القابل‏.‏ فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قالوا فرجعوا إلى قومهم يدعوهم سراً وأخبروهم برسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثه الله به ودعا عليه بالقرآن حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة‏.‏

ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أن ابعث إلينا رجلاً من قبلك يدعو الناس بكتاب الله فإنه أدنى أن يتبع‏.‏ فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير أخا بني عبد الدار فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس ‏[‏سراً‏]‏ ويفشو الإسلام ويكثر أهله وهم في ذلك مستخفون بدعائهم ثم إن أسعد بن زرارة أقبل هو ومصعب بن عمير حتى أتيا بئر مري أو قريباً منها فجلسوا هنالك وبعثوا إلى رهط من أهل الأرض فأتوهم مستخفين فبينما مصعب بن عمير يحدثهم ويقص عليهم القرآن أُخبر بهم سعد بن معاذ فأتاهم في لأمته ومعه الرمح حتى وقف عليه فقال‏:‏ علام يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل ويدعوهم ‏[‏إليه‏]‏ لا أراكما بعد هذا بشيء من جوارنا‏.‏ فرجعوا ثم إنهم عادوا الثانية ببئر مرى أو قريباً منها فأُخبر بهم سعد بن معاذ الثانية فواعدهم بوعيد دون الوعيد الأول فلما رأى أسعد منه ليناً قال‏:‏ يا ابن خالة اسمع من قوله فإن سمعت منه منكراً فاردده يا هذا منه،وإن سمعت خيراً فأجب الله فقال‏:‏ ماذا يقول‏؟‏ فقرأ عليهم مصعب بن عمير‏:‏ ‏{‏حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم

تعقلون‏}‏ فقال سعد‏:‏ وما أسمع إلا ما أعرف فرجع وقد هداه الله تعالى ولم يظهر أمر الإسلام حتى رجع فرجع إلى قومه فدعا بني عبد الأشهل إلى الإسلام وأظهر إسلامه وقال فيه‏:‏ من شك من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى فليأتنا بأهدى منه نأخذ به فوالله لقد جاء أمر لتُحزَّن فيه الرقاب فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد ودعائه إلا من لا يذكر فكانت أول دور من دور الأنصار أسلمت بأسرها‏.‏

ثم إن بني النجار أخرجوا مصعب بن عمير واشتدوا على أسعد بن زرارة فانتقل مصعب بن عمير إلى سعد بن معاذ فلم يزل يدعو ويهدي ‏[‏الله‏]‏ على يديه حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس لا محالة وأسلم أشرافهم وأسلم عمرو بن الجموح وكسرت أصنامهم فكان المسلمون أعز أهلها وصلح أمرهم،ورجع مصعب بن عمير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدعى‏:‏ المقرئ‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وهو حسن الحديث،وبقية رجاله ثقات‏.‏

9877-وعن ابن إسحاق قال‏:‏ لما أراد الله عز وجل إظهار دينه وإعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإنجاز وعده خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار وهم فيما يزعمون ستة فيهم جابر بن عبد الله بن رئاب‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

9878-وعن كعب بن مالك قال‏:‏ لما قدم اثنا عشر رجلاً من العقبة وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوافوه سبعون رجلاً ‏[‏العام المقبل سنة يمشي أحدنا إلى صاحبه بالسمع والرمل والمطعم حتى وافاه منا سبعون رجلاً‏]‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه حجاج بن الشاعر وضعفه الجمهور‏.‏

9879-وعن عمر بن الخطاب قال‏:‏ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على قبائل العرب قبيلة قبيلة في الموسم ما يجد أحداً يجيبه حتى جاء الله بهذا الحي من الأنصار لما أسعدهم الله وساق لهم من الكرامة فآووا ونصروا فجزاهم الله عن نبيهم خيراً،والله ما وفينا لهم كما عاهدناهم عليه إنا كنا قلنا لهم‏:‏ نحن الأمراء وأنتم الوزراء ولئن بقيت إلى رأس الحول لا يبقى لي غلام إلا أنصاري‏.‏

رواه البزار وحسن إسناده وفيه ابن شبيب وهو ضعيف‏.‏

9880-وعن عائشة قالت‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في كل سنة على قبائل من العرب أن يؤووه إلى قومهم حتى يبلغ كلام الله ورسالاته ولهم الجنة فليست قبيلة من العرب تستجيب له حتى أراد الله إظهار دينه ونصر نبيه وإنجاز ما وعده ساقه الله إلى هذا الحي من الأنصار فاستجابوا له وجعل الله لنبيه صلى الله عليه وسلم دار هجرة‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن عمر العمري وثقه أحمد وجماعة وضعفه النسائي وغيره،وبقية رجاله ثقات‏.‏

9881-وعن كعب بن مالك - وكان ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال‏:‏ خرجنا في حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا فُقِّهْنا معنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء لنا‏:‏ يا هؤلاء إني قد رأيت ‏[‏والله‏]‏ رأياً وإني والله ما أدري توافقوني عليه أم لا‏؟‏

قلنا له‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قال‏:‏ إني قد رأيت أن لا أدع هذه البنية حتى تظهر - يعني الكعبة - وأن أصلي إليها قال‏:‏ فقلنا‏:‏ والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام وما نريد أن نخالفه قال‏:‏ فقلنا‏:‏ لكنا لا نفعل‏.‏

قال‏:‏ وكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام وصلى إلى الكعبة حتى قدمنا مكة قال ‏[‏أخي‏]‏‏:‏ و ‏[‏قد‏]‏ كنا قد عتبنا عليه ‏[‏ما صنع‏]‏ وأبى إلا الإقامة عليه فلما قدم مكة قال‏:‏ ‏[‏يا‏]‏ ابن أخي انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسأله عما صنعت في سفري هذا فإنه والله قد وقع في نفسي منه شيء لما رأيت من خلافكم إياي ‏[‏فيه‏]‏‏.‏

قال‏:‏ فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك فلقينا رجل من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏]‏ فقال‏:‏ هل تعرفانه‏؟‏ قلنا‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه‏؟‏ قلنا‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ وقد كنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجراً قال‏:‏ فادخلا المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس‏.‏ قال‏:‏ فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏معه‏]‏ جالس فسلمنا ثم جلسنا إليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس‏:‏ ‏"‏هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ نعم،هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك‏.‏ قال‏:‏ فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الشاعر‏؟‏‏"‏‏.‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال‏:‏ فقال البراء بن معرور‏:‏ يا نبي الله إني خرجت في سفري هذا وقد هداني الله للإسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر فصليت إليها وقد خالفني أصحابي في ذلك حتى وقع في نفسي من ذلك ‏[‏شيء‏]‏ فما ترى يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فرجع البراء إلى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا

إلى الشام قال‏:‏ وأهله يصلون إلى الكعبة حتى مات وليس كذلك ‏[‏كما قالوا‏]‏ نحن أعلم به منهم‏.‏

قال‏:‏ وخرجنا إلى الحج فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة في أوسط أيام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من سادتنا وكنا نكتم من ‏[‏قومنا من‏]‏ المشركين أمرنا فكلمناه فقلنا له‏:‏ يا أبا جابر إنك سيد من سادتنا وشريف من أشرافنا وإنا نرغب بك ‏[‏عما أنت فيه‏]‏ أن تكون حطباً للنار غداً،ثم دعوته إلى الإسلام وأخبرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيباً‏.‏

قال‏:‏ فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رجالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن سبعون رجلاً معهم امرأتان من نسائهم‏:‏ نسيبة بنت كعب أم عمارة إحدى نساء بني مازن بن النجار وأسماء ابنة عمرو بن عدي بن ثابت إحدى نساء بني سلمة وهي أم منيع‏.‏ فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه ‏[‏يومئذ‏]‏ عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه أحب أن يحضر أمر ابن أخيه يتوثق له فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب أول من تكلم فقال‏:‏ يا معشر الخزرج - وكانت العرب مما يسمون هذا الحي من الأنصار الخزرج أوسها وخزرجها - إن محمداً منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على ‏[‏مثل‏]‏ رأينا فيه وهو في عز من قومه ومنعة في بلده‏.‏ قال‏:‏ فقلنا‏:‏ قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لربك ولنفسك ما أحببت‏.‏

فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا إلى الله عز وجل ورغب في الإسلام قال‏:‏

‏"‏أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فأخذ البراء بن معرور بيده ‏[‏ثم‏]‏ قال‏:‏ نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب ‏[‏وأهل الحلقة‏]‏ ورثناها كابراً عن كابر‏.‏

قال‏:‏ فاعترض القول - والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم - أبو الهيثم بن التيهان حليف بني عبد الأشهل فقال‏:‏ يا رسول الله إن بيننا وبين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها - وهي العهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك وأظهرك الله عز وجل أن ترجع ‏[‏إلى قومك‏]‏ وتدعنا‏؟‏ قال‏:‏ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏بل الدم الدم والهدم الهدم أنتم مني وأنا منكم أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم‏"‏‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أخرجوا إلي ‏[‏منكم‏]‏ اثني عشر نقيباً منكم يكونون على قومهم‏"‏‏.‏

فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس‏.‏

وأما معبد بن كعب ‏[‏فحدثني في‏]‏ حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال‏:‏ كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم تبايع القوم فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان ‏[‏من رأس العقبة‏]‏ بأنفذ صوت سمعته‏:‏ يا أهل الجباجب - والجباجب‏:‏ المنازل - هل لكم في مذمم والصباة

معه قد أجمعوا على حربكم‏؟‏ قال ‏[‏علي - يعني ابن إسحاق - ‏]‏‏:‏ ما يقول ‏[‏عدو الله‏]‏ محمد‏؟‏ قال‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏هذا أزب العقبة،هذا ابن أزيب،اسمع أي عدو الله أما والله لأفرغن لك‏"‏‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ارفعوا إلي رحالكم‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فقال ‏[‏له‏]‏ العباس بن عبادة بن نضلة‏:‏ والذي بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى ‏[‏غداً‏]‏ بأسيافنا‏.‏ قال‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لم أؤمر بذلك‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا فلما أصبحنا عدت علينا جلة قريش حتى جاءونا ‏[‏في منازلنا‏]‏ فقالوا‏:‏ يا معشر الخزرج إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أيدينا وتبايعونه على حربنا والله إنه ما من العرب أحد أبغض إلينا أن ينشب الحرب بيننا وبينهم منكم‏.‏ قال‏:‏ فانبعث من هنالك من مشركي قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا من شيء وما علمناه،و ‏[‏قد‏]‏ صدقوا لم يعلموا ما كان منا‏.‏

قال‏:‏ فبعضنا ينظر إلى بعض‏.‏

قال‏:‏ وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة وعليه نعلان جديدان قال‏:‏ فقلت كلمة كأني ‏[‏أريد أن‏]‏ أشرك القوم بها فيما قالوا ما تستطيع يا أبا جابر وأنت سيد من ساداتنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش‏؟‏ قال‏:‏ فسمعها الحارث فخلعهما ثم رمى بهما إلي قال‏:‏ والله لتنتعلنهما،قال‏:‏ يقول أبو جابر‏:‏ أحفظت والله الفتى اردد عليه نعليه،قال‏:‏ فقلت‏:‏ والله لا أردهما،قال‏:‏ والله صالح لئن صدق الفأل لأسلبنه‏.‏

فهذا حديث ابن مالك عن العقبة وما حضر منها‏.‏

رواه أحمد والطبراني بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع‏.‏

وقال الطبراني في حديثه‏:‏ فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقينا رجل بالأبطح فقلنا له‏:‏ تدلنا على محمد بن عبد الله بن عبد المطلب‏؟‏ قال‏:‏ فهل تعرفانه إذا رأيتماه‏؟‏

وقال أيضاً‏:‏ وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلا القرآن ورغب في الإسلام فأجبناه بالإيمان به والتصديق له‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أخرجوا منكم اثني عشر نقيباً‏"‏‏.‏ فأخرجهم فكان نقيب بني النجار‏:‏ أسعد بن زرارة‏.‏ وكان نقيب بني سلمة‏:‏ البراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حرام‏.‏ وكان نقيب بني ساعدة‏:‏ سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو‏.‏ وكان نقيب بني زريق‏:‏ رافع بن مالك بن العجلان‏.‏ وكان نقيب بني الحارث بن الخزرج‏:‏ عبد الله بن رواحة وسعد بن الربيع‏.‏ وكان نقيب بني عوف بن الخزرج‏:‏ عبادة بن الصامت‏.‏ ونقيب بني عبد الأشهل‏:‏ أسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان‏.‏ وكان نقيب بني عمرو بن عوف‏:‏ سعد بن خيثمة‏.‏

9882-وعن جابر قال‏:‏ مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة،وفي الموسم بمنى يقول‏:‏ ‏"‏من يؤويني من ينصرني حتى أبلغ رسالة ربي وله

الجنة‏؟‏‏"‏‏.‏ حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مصر كذا قال‏:‏ قال‏:‏ فيأتيه قومه فيقولون‏:‏ احذر غلام قريش لا يفتنك وهو يمشي بين رحالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع حتى بعثنا الله من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه حتى لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رهذ من المسلمين يظهرون الإسلام ثم ائتمروا جميعاً فقلنا‏:‏ حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة ويخاف‏؟‏ فرحل إليه سبعون رجلاً منا حتى قدموا عليه في الموسم فواعدنا شعب العقبة فاجتمعوا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا فقلنا‏:‏ يا رسول الله على ما نبايعك‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل ‏[‏والنفقة في العسر واليسر‏]‏ وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا لله لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة‏"‏‏.‏

قال‏:‏ فقمنا إليه فبايعناه وأخذ بيده أسهد بن زرارة وهو أصغرهم فقال‏:‏ رويداً يا أهل يثرب فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله وإن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وأن تعضكم السيوف،أما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله وأما أنتم ‏[‏قوم‏]‏ تخافون من أنفسكم خبيئة فتبينوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله قالوا‏:‏ أمط عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة أبداً ولا نسلبها أبداً ‏[‏قال‏:‏ فقمنا إليه‏]‏ فبايعناه فأخذ علينا وشرط ويعطينا على ذلك الجنة‏.‏

قلت‏:‏ روى أصحاب السنن منه طرفاً‏.‏

رواه أحمد والبزار وقال في حديثه‏:‏ فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها‏.‏ ورجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

9883-وفي رواية عند أحمد‏:‏ وقال‏:‏ تخافون من أنفسكم خيفة‏.‏

9884-وفي رواية عنده أيضاً‏:‏ حتى إن الرجل ليرحل من مضر من اليمن‏.‏

9885-وعن عروة قال‏:‏ كان أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم بن التيهان وقال‏:‏ يا رسول الله إن بيننا وبين الناس حبالاً - والحبال‏:‏ الحلف والمواثيق - فلعلنا نقطعها ثم نرجع إلى قومك وقد قطعنا الحبال وحاربنا الناس‏؟‏ فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وقال‏:‏

‏"‏الدم الدم الهدم الهدم‏"‏‏.‏

فلما رضي أبو الهيثم بما رجع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله أقبل على قومه فقال‏:‏ يا قوم هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أنه لصادق وأنه اليوم في حرم الله وأمنه وبين ظهري قومه وعشيرته فاعلموا أنكم إن تخرجوه برتكم العرب عن قوس واحدة فإن كانت طابت أنفسكم بالقتال في سبيل الله وذهاب الأموال والأولاد فادعوه إلى أرضكم فإنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً وإن خفتم خذلاناً فمن الآن،فقالوا عند ذلك‏:‏ قبلنا عن الله وعن رسوله ما أعطانا وقد أعطيناك من أنفسنا الذي سألتنا يا رسول الله فخل بيننا يا أبا الهيثم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنبايعه فقال أبو الهيثم‏:‏ أنا أول من بايع ثم كلهم وصرخ الشيطان من رأس الجبل فقال‏:‏ يا معشر قريش

هذه الخزرج والأوس تبايع محمداً على قتالكم ففزعوا عند ذلك وراعهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏لا يرعكم هذا الصوت فانه عدو الله إبليس ليس يسمعه أحد ممن تخافون‏"‏‏.‏ وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرخ بالشيطان‏:‏ ‏"‏يا ابن أزب هذا عملك فسأفرغ لك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني هكذا مرسلاً وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف‏.‏

9886-وعن أبي مسعود قال‏:‏ وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل العقبة يوم الأضحى ونحن سبعون رجلاً قال عقبة‏:‏ إني أصغرهم سناً،فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏

‏"‏أوجزوا في الخطبة فإني أخاف عليكم كفار قريش‏"‏‏.‏ فقلنا‏:‏ يا رسول الله سلنا لربك وسلنا لنفسك وسلنا لأصحابك وأخبرنا مالنا من الثواب على الله تبارك وتعالى وعليك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أما الذي أسأل لربي أن تؤمنوا به ولا تشركوا به شيئاً‏.‏ وأما الذي أسأل لنفسي‏:‏ أسألكم أن تطيعوني أهدكم سبيل الرشاد‏.‏ وأسألكم لي ولأصحابي‏:‏ أن تواسونا في ذات أيديكم وأن تمنعونا مما منعتم منه أنفسكم‏.‏ فإذا فعلتم ذلك فلكم على الله الجنة وعلي‏"‏‏.‏ قال‏:‏ فمددنا أيدينا فبايعناه‏.‏

رواه الطبراني وفيه مجالد بن سعيد وحديثه حسن وفيه ضعف‏.‏

ورواه أحمد بنحو حديث مرسل يأتي وفيه مجالد أيضاً ولم يسق لفظه وذكره بعد هذا وهو‏.‏

9887-وعن الشعبي قال‏:‏ انطلق النبي صلى الله عليه وسلم مع عمه العباس إلى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة قال‏:‏

‏"‏ليتكلم متكلمكم ولا يطل فإن عليكم من المشركين عيناً وإن يعلموا بكم يفضحوكم‏"‏‏.‏ قال قائلهم وهو أبو أمامة‏:‏ سل يا محمد لربك ما شئت ثم سل لنفسك ولأصحابك ما شئت ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله عز وجل وعليكم إذا فعلنا ذلك‏؟‏ قال‏:‏

‏"‏أسأل لربي عز وجل أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً،وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ فما لنا إذا فعلنا ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لكم الجنة‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ فلك ذلك‏.‏

رواه أحمد هكذا مرسلاً ورجاله رجال الصحيح،وقد ذكر الإمام أحمد بعده سنداً إلى الشعبي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو وقال بنحو هذا قال‏:‏ وكان أبو مسعود أصغرهم سناً،وفيه مجالد وفيه ضعف وحديثه حسن إن شاء الله‏.‏

9888-وعن الشعبي قال‏:‏ ما سمع الشيب ولا الشبان خطبة مثلها‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9889-وعن أبي الزبير قال‏:‏ سمعت جابراً عن العقبة قال‏:‏ شهدها سبعون فواثقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعباس بن عبد المطلب أخذ بيده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أخذت وأعطيت‏"‏‏.‏

رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف‏.‏

9890-وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏ لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم النقباء من الأنصار قال لهم‏:‏

‏"‏تؤووني وتمنعوني‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ فما لنا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لكم الجنة‏"‏‏.‏

رواه أبو يعلى والبزار بنحوه ورجال أبي يعلى رجال الصحيح‏.‏

9891-وعن أنس أن ثابت بن قيس خطب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لكم الجنة‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ رضينا‏.‏

رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9892-وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏ حملني خالي جد بن قيس في السبعين راكباً الذين وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل الأنصار ليلة العقبة فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبد المطلب فقال‏:‏

‏"‏يا عم خذ على أخوالك‏"‏‏.‏ فقال له السبعون‏:‏ يا محمد سل لربك ولنفسك وما شئت‏.‏ فقال‏:‏ ‏"‏أما الذي أسألكم لربي فتعبدوه ولا تشركوا به شيئاً،وأما الذي أسألكم لنفسي فتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم‏"‏‏.‏

قالوا‏:‏ فما لنا إذا فعلنا ذلك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏الجنة‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله ثقات‏.‏

9893-وعن جابر بن عبد الله قال‏:‏

كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة قال جابر‏:‏ وأخرجني خالاي وأنا لا أستطيع أن أرمي بحجر‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9894-وعن عروة قال‏:‏ عباسٌ والله أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتاه السبعون من الأنصار العقبة فأخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم وشرط عليهم وذلك في غرة الإسلام وأوله قبل أن يعبد الله أحد علانية‏.‏

رواه أبو يعلى في أثناء حديث اللدود الذي روته عائشة وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف‏.‏

9895-وعن عبادة بن الصامت أن أسعد بن زرارة قال‏:‏ يا أيها الناس هل تدرون على ما تبايعون محمداً صلى الله عليه وسلم‏؟‏ إنكم تبايعونه أن تحاربوا العرب والعجم والجن والإنس فقالوا‏:‏ نحن حرب لمن حارب وسلم لمن سالم قالوا‏:‏ يا رسول الله اشترط،قال‏:‏

‏"‏تبايعوني على أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة والسمع والطاعة وأن لا تنازعوا الأمر أهله وأن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ في الصحيح طرف منه‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن زيد وهو ضعيف وقد وثق‏.‏

9896-وعن حسين بن علي قال‏:‏ جاءت الأنصار تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة فقال‏:‏

‏"‏يا علي قم يا علي فبايعهم‏"‏‏.‏

فقال‏:‏ على مَ أبايعهم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏على أن يطاع الله ولا يعصى وعلى أن تمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وذريته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط من طريق عبد الله بن مروان وهو ضعيف وقد وثق‏.‏

  باب قوله‏:‏ بعثت بين يدي الساعة بالسيف

9897-عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري‏"‏‏.‏

رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن ثابت وثقه ابن المديني وغيره وضعفه أحمد وغيره،وبقية رجاله ثقات‏.‏

 باب فيمن شهد العقبة

9898-عن ابن شهاب في تسمية من حضر العقبة‏:‏ من الأنصار ثم من بني النجار‏:‏ أوس بن ثابت وأوس بن يزيد بن أصرم وأبو أمامة أسعد بن زرارة‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني سلمة‏:‏ البراء بن معرور وهو أول من أوصى بثلث ماله واستقبل الكعبة وهو ببلاده وكان نقيباً‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج‏:‏ بشير بن سعد بن النعمان‏.‏ ومن الأنصار‏:‏ جابر بن عبد الله بن عمرو وجبار بن صخر‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني زريق‏:‏ الحارث بن قيس بن مالك وقد شهد بدراً وذكوان بن عبد القيس بن خلدة ورافع بن مالك وقد شهد بدراً‏.‏

‏[‏ومن الأنصار ثم من بني الحبلي‏:‏ رفاعة بن عمرو‏]‏‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني ساعدة بن كعب‏:‏ سعد بن عبادة وهو نقيب‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني عمرو بن عوف‏:‏ سعد بن خيثمة وهو نقيب‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني عبد الأشهل‏:‏ سلمة بن سلامة بن وقش‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني سلمة‏:‏ كعب بن مالك‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني حارثة بن الحارث‏:‏ ظهير بن رافع‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني حارثة‏:‏ أبو بردة بن نيار‏.‏

وإسنادها إلى ابن شهاب واحد ورجاله ثقات‏.‏ رواها كلها الطبراني‏.‏

9899-وعن عروة في تسمية أصحاب العقبة الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة‏:‏ من الأنصار ثم من بني سلمة بن يزيد بن جشم‏:‏ البراء بن معرور بن صخر بن خنساء وهو نقيب وهو أول من أوصى بثلث ماله فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني حارثة بن الحارث‏:‏ بهير بن الهيثم‏.‏ ومن الأنصار‏:‏ ثابت بن أجدع‏.‏ ومن الأنصار‏:‏ جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني زريق‏:‏ الحارث بن قيس بن مخلد وقد شهد بدراً‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني بياضة‏:‏ زيد بن لبيد‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج‏:‏ سعد بن الربيع بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني النجار‏:‏ سهل بن عتيك‏.‏

ومن الأنصار ثن من بني حارثة بن الحارث‏:‏ ظهير بن رافع‏.‏ ومن الأنصار من بني مازن بن النجار‏:‏ عمرو بن غزية بن ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن غنم بن مازن بن بعكك بن الحارث بن عميلة بن السباق بن عبد الدار‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني الحارث بن الخزرج‏:‏ عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن أسير بن عسيرة ويكنى أبا مسعود‏.‏ ومن الأنصار ثم من بني سلمة‏:‏ كعب بن مالك بن أبي القين بن كعب بن سوادة‏.‏

رواه كله الطبراني عن عروة بسند واحد،وفي إسناد عروة ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه في حد الحسن‏.‏

9900-وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن أسعد بن زرارة كان أحد النقباء ليلة العقبة‏.‏

رواه الطبراني وفيه زمعة بن صالح وهو ضعيف‏.‏

9901-وعن كعب بن مالك قال‏:‏ خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏بالعقبة‏]‏ وكان نقيب بني زريق رافع بن مالك بن العجلان‏.‏ وكان نقيب بني ساعدة سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو‏.‏

رواهما الطبراني وإسنادهما واحد ورجالهما ثقات‏.‏

 باب الهجرة إلى المدينة

9902-عن عروة قال‏:‏ ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر،ثم إن مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم حين ظنوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خارج وعلموا أن الله قد جعل له بالمدينة مأوى ومنعة وبلغهم إسلام

الأنصار ومن خرج إليهم من المهاجرين فأجمعوا أمرهم على أن يأخذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإما أن يقتلوه وإما أن يسجنوه أو يسحبوه - شك عمرو بن خالد - وإما أن يخرجوه وإما أن يوثقوه فأخبره الله عز وجل بمكرهم فقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين‏}‏ وبلغه ذلك اليوم الذي أتى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم دار أبي بكر أنهم مبيتوه إذا أمسى على فراشه وخرج من تحت الليل هو وأبو بكر قبل الغار بثور وهو الغار الذي ذكره الله عز وجل في القرآن وعمد علي بن أبي طالب فرقد على فراشه يواري عنه العيون وبات المشركون من قريش يختلفون ويأتمرون أيهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه‏؟‏ فكان ذلك حديثهم حتى أصبحوا،فإذا علي يقوم عن الفراش فسألوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرهم أنه لا علم له به فعلموا عند ذلك أنه خرج فركبوا في كل وجه يطلبونه وبعثوا إلى أهل المياه يأمرونهم ويجعلون لهم الجعل العظيم وأتوا على ثور الذي فيه الغار الذي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى طلعوا فوقه وسمع النبي صلى الله عليه وسلم أصواتهم فأشفق أبو بكر عند ذلك وأقبل على الهم والخوف

فعند ذلك قال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏:‏‏{‏لا تحزن إن الله معنا‏}‏‏"‏‏.‏ ودعا فنزلت عليه سكينة من الله عز وجل‏:‏ ‏{‏فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم‏}‏ وكانت لأبي بكر منحة تروح عليه وعلى أهله بمكة فأرسل أبو بكر عامر بن فهيرة مولى أبي بكر أميناً مؤتمناً حسن الإسلام فاستأجر رجلاً من بني عبد بن عدي يقال له‏:‏ ابن الأريقط كان حليفاً لقريش في بني سهم من بني العاص بن وائل وذلك يومئذ العدوي مشرك وهو هادي بالطريق فخبا بأظهرنا تلك الليالي وكان

يأتيهما عبد الله بن أبي بكر حين يمسي بكل خبر يكون في مكة ويريح عليهما عامر بن فهيرة الغنم في كل ليلة فيحلبان ويذبحان ثم يسرح بكرة فيصبح في رعيان الناس ولا يفطن له،حتى إذا هدأت عنهم الأصوات وأتاهما أن قد سكت عنهما جاءا صاحبهما ببعيريهما وقد مكثا في الغار يومين وليلتين ثم انطلقا وانطلقا معهما بعامر بن فهيرة يحديهما ويخدمهما ويعينهما يردفه أبو بكر ويعقبه على راحلته ليس معه أحد من الناس غير عامر بن فهيرة وغير أخي بني عدي يهديهم الطريق‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وحديثه حسن‏.‏

9903-وعن مارية قالت‏:‏ طأطأت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد حائطاً ليلة فر من المشركين‏.‏

رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه‏.‏

9904-وعن أبي مصعب المكي قال‏:‏ أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك يحدثون أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان ليلة بات في الغار أمر الله تبارك وتعالى شجرة فنبتت في وجه الغار فسترت وجه النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وأمر الله تبارك وتعالى العنكبوت فنسجت على وجه الغار‏.‏ وأمر الله تبارك وتعالى حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار‏.‏ وأتى المشركون من كل فج حتى كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم على قدر أربعين ذراعاً

معهم قسيهم وعصيهم وتقدم رجل منهم فنظر فرأى الحمامتين فرجع فقال لأصحابه‏:‏ ليس في الغار شيء رأيت حمامتين على فم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله فعلم أن الله تبارك وتعالى قد درأ بهما عنه فسمت عليهما وفرض جزاءهما واتخذ في حرم الله تبارك وتعالى فرخين أحسبه قال‏:‏ فأصل كل حمام في الحرم من فراخهما‏.‏

رواه البزار والطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم‏.‏

9905-وعن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتينا بمكة كل يوم مرتين فلما كان يوم من ذلك جاءنا في الظهيرة فقالت‏:‏ يا أبت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي وأمي ما جاء به هذه الساعة إلا أمر،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏هل شعرت أن الله قد أذن لي في الخروج‏؟‏‏"‏‏.‏ فقال أبو بكر‏:‏ فالصحابة يا رسول الله،قال‏:‏ ‏"‏الصحابة‏"‏‏.‏ قال‏:‏ إن عندي راحلتين قد علفتهما منذ كذا وكذا انتظاراً لهذا اليوم فخذ إحداهما،فقال‏:‏ ‏"‏بثمنها يا أبا بكر‏"‏‏.‏ فقال‏:‏ بثمنها بأبي وأمي إن شئت،قالت‏:‏ فهيأنا لهم سفرة ثم قطعت نطاقها فربطتها ببعضه فخرجا فمكثا في الغار في جبل ثور فلما انتهيا إليه دخل أبو بكر الغار قبله فلم يترك فيه حجراً إلا أدخل فيه إصبعه مخافة أن يكون فيه هامة،وخرجت قريش حين فقدوهما في بغائهما وجعلوا في النبي صلى الله عليه وسلم مائة ناقة وخرجوا يطوفون في جبال مكة حتى انتهوا إلى الجبل الذي هما فيه،فقال أبو بكر لرجل ‏[‏يراه‏]‏ مواجه الغار‏:‏ يا رسول الله إنه ليرانا فقال‏:‏ ‏"‏كلا إن ملائكة تسترنا بأجنحتها‏"‏‏.‏ فجلس ذلك الرجل فبال مواجه الغار

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو كان يرانا ما فعل هذا‏"‏‏.‏ فمكثا ثلاث ليال يروح عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر غنماً لأبي بكر ويدلج من عندهما فيصبح مع الرعاة في مراعيها ويروح معهم ويبطئ في المشي حتى إذا أظلم الليل انصرف بغنمه إليهما فتظن الرعاة أنه معهم وعبد الله بن أبي بكر يظل بمكة يتطلب الأخبار ثم يأتيهما إذا أظلم الليل فيخبرهما ثم يدلج من عندهما فيصبح بمكة يتطلب الأخبار ثم يأتيهما إذا أظلم الليل فيخبرهما ثم يدلج من عندهما فيصبح بمكة كبائت ثم خرجا من الغار فأخذا على الساحل فجعل أبو بكر يسير أمامه فإذا خشي أن يؤتى من خلفه سار خلفه فلم يزل كذلك مسيره وكان أبو بكر رجلاً معروفاً في الناس فإذا لقيه لاق فيقول لأبي بكر‏:‏ من هذا معك‏؟‏ فيقول‏:‏ هاد يهديني،يريد الهداية في الدين ويحسب الآخر دليلاً حتى إذا كان بأبيات قديد وكان على طريقهما ‏[‏على الساحل‏]‏ جاء إنسان إلى ‏[‏مجلس‏]‏ بني مدلج فقال‏:‏ قد رأيت راكبين نحو الساحل فإني لأجدهما لصاحب قريش الذي تبغون فقال سراقة بن مالك‏:‏ ذانك راكبين ممن بعثنا في طلبه القوم ثم دعا جاريته فسارها فأمرها أن تخرج ‏[‏بفرسه وتحط رمحه ولا تنصبه حتى يأتيه في قراره بموضع كذا وكذا ثم يجيئها فركب‏]‏ فرسه ثم خرج في آثارهما قال سراقة‏:‏ فدنوت منهما حتى إني لأسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركضت الفرس فوقعت بمنخريها فأخرجت قداحي من كنانتي فضربت بها أضره أم لا تضره‏؟‏ فخرج لا تضره فأبت نفسي حتى إذا كنت منه بمثل ذلك الموضع خشية أن يصيبني مثل ما أصابني ناديته فقلت‏:‏ إني أرى سيكون لك شأن فقف أكلمك‏.‏ فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أن يكتب له أماناً فأمر أن يكتب له،قال سراقة‏:‏ فلما كان يوم حنين وأخرجته وناديت‏:‏ أنا سراقة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يوم وفاء‏"‏‏.‏ قال سراقة‏:‏ فما شبهت ساقه في غرزه إلى بجمار‏.‏ فذكرت

شيئاً أسأله عنه فقلت‏:‏ يا رسول الله إني رجل ذا نعم وإن الحياض تملأ من الماء فنشرب فيفضل من الماء في الحياض فيرد الهمل فهل لي في ذلك من أجر‏؟‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏نعم،في كل كبد حرى أجر‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ روى أبو داود طرفاً من آخره عن سراقة‏.‏

رواه الطبراني وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أبو حاتم وغيره،وبقية رجاله رجال الصحيح‏.‏

9906-وعن أبي بكر الصديق قال‏:‏ جاء رجل من المشركين حتى استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعورته يبول قلت‏:‏ يا رسول الله أليس الرجل يرانا‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لو رآنا لم يستقبلنا بعورته‏"‏‏.‏ يعني وهو بالغار‏.‏

رواه أبو يعلى وفيه موسى بن مطير وهو متروك‏.‏

9907-وعن جابر قال‏:‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مهاجرين فدخلا في الغار جحر فألقمه أبو بكر عقبه حتى أصبح مخافة أن يخرج على رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شيء فأقاما في الغار ثلاث ليال ثم خرجا حتى نزلا بخيمات أم معبد فأرسلت إليه أم معبد إني أرى وجوهاً حساناً وإن الحي أقوى على كرامتكم مني فلما أمسوا عندها بعثت مع ابن لها صغير بشفرة وشاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏اردد الشفرة وهات لي فرقاً‏"‏ - يعني القدح - فأرسلت إليه أن لا لبن فيها ولا

ولد قال‏:‏ ‏"‏هات لي فرقاً‏"‏‏.‏ فجاءته بفرق فضرب ظهرها فاجترت ودرت فحلب فملأ القدح فشرب وسقى أبا بكر فبعث به إلى أم معبد‏.‏

رواه البزار وفيه من لم أعرفه‏.‏

9908-وعن أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي قال‏:‏ مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر بحذوات بين الجحفة وهرشى وهما على جمل واحد وهما متوجهان إلى المدينة فحملهما على فحل إبله ابن الرداء فبعث معهما غلاماً له يقال له‏:‏ مسعود فقال‏:‏ اسلك بهما حيث تعلم من محازم الطريق ولا تفارقهما حتى يقضيا حاجتهما منك ومن جملك،فسلك بهما ثنية الزمحا ثم سلك بهما ثنية الكوية ثم سلك بهما المرة ثم أقبل بهما من شعبة ذات كشط ثم سلك بهما المدلجة ثم سلك بهما الغسانة ثم سلك ثنية المرة ثم أدخلهما المدينة وقد قضيا حاجتهما منه ومن حمله،ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسعوداً إلى سيده أوس بن عبد الله وكان مغفلاً لا يسم الإبل فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر أوساً أن يسمها في أعناقها قيد الفرس‏.‏

قال صخر بن مالك‏:‏ وهو والله يسمها اليوم وقيد الفرس فيما أرى ‏[‏حلّق‏]‏ حلقتين ومد بينهما مداً‏.‏

رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم‏.‏

9909-وعن بريدة الأسلمي قال‏:‏ لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهاجره لقي ركباً فقال‏:‏

‏"‏يا أبا بكر سل القوم ممن هم‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ من أسلم‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏سلمت يا أبا بكر،سلهم من أي أسلم‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ من بني سهم،قال‏:‏ ‏"‏ارم سهمك يا أبا بكر‏"‏‏.‏

رواه البزار وفيه عبد العزيز بن عمران الزهري وهو متروك‏.‏

9910-وعن حبيش بن خالد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة مهاجراً إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء القبة وتسقي وتطعم فسألوها لحماً وتمراً ليشتروه منها فلم يصيبوا عندها شيئاً من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال‏:‏ ‏"‏ما هذه الشاة يا أم معبد‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ خلفها الجهد عن الغنم،قال‏:‏ ‏"‏فهل بها من لبن‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ هي أجهد من ذلك،قال‏:‏ ‏"‏أتأذنين أن أحلبها‏؟‏‏"‏‏.‏ قالت‏:‏ بأبي أنت وأمي نعم،إن رأيت بها حلباً فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله عز وجل ودعا الله في شأنها فتفاجت عليه ودرت واجترت ودعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجاً حتى علاه البهاء ثم سقاها ‏[‏حتى رويت‏]‏ وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم صلى الله عليه وسلم ثم أراضوا ثم حلب فيها ثانياً بعد

مدى حتى ملأ الإناء ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها،فقلما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزاً عجافاً يتساوكن هزالاً مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال‏:‏ من أين هذا اللبن يا أم معبد والشاة عازب حيال ولا حلوبة في البيت‏؟‏ قالت‏:‏ لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا قال‏:‏ صفيه لي يا أم معبد‏.‏ قالت‏:‏ رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ‏(‏ثجل‏:‏ ضخم البطن‏)‏ ولم تزر به صعلة ‏(‏الصعل‏:‏ صغر الرأس‏)‏ وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع وفي لحيته كثافة أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء أجمل الناس وأبهى من بعيد وأحلاه وأحسنه من قريب حلو المنطق ‏[‏فصل‏]‏ لا هذر ولا نزر كأن منطقة خرزات نظم ينحدرون ربع لا ييأس من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنظر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً له رفقاء يحفون به إن قال أنصتوا لقوله وإن أمر تبادروا أمره محفود محسود لا عابس ولا مفند‏.‏

قال أبو معبد‏:‏ هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً وأصبح صوت بمكة عالياً يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول‏:‏

جزى الله رب الناس بخيره خير جزائه * رفيقين قـلاً خيمتـي أم معبد

همـا نزلاهـا بالـهدى واهتدت به * لقد فازَ منْ أمسى رفيق محمد

فيـا لقصـيٍّ مـا زوى الله عنكم * بـه من فعال لا تجارى وسؤدد

ليهـن بنـي كعـب مكـان فتاتهم * ومقعدهـا للـمؤمنيـن بمرصـد

سلوا أختكم عن شاتها وإنائها * فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد

دعـاها بشاة حائـل فتحلبت * عليه صريحاً ضرة الشاة مزبد

فغادرهـا رهناً لديها لحـالب * يرددهـا في مصدر ثم مورد

فلما أن سمع حسان بن ثابت بذلك شب يجيب الهاتف وهو يقول‏.‏

لقـد خاب قوم زال عنهم نبيهم * وقُدِّسَ من كسـرى إليهم ويغتدي

ترحـل عن قوم فضلت عقولـهم * وحـلَّ علـى قومٍ بنورٍ مـجدد

هداهـم به بعد الضلالـة ربـهم * وأرشـدهم من يبتغي الحق يرشـد

وهل يستوي ضـلال قوم تسفهوا * عمـايتهم هـادٍ بـهِ كل مهتـد

وقد نـزلتْ منه على أهل يثرب * ركـاب هدىً حلتْ عليهم بأسعد

نبـي يرى ما لا يرى الناس حوله * ويتـلو كتابَ اللهِ في كلِّ مسجد

وإن قـال فـي يومٍ مقالة غالب * فتصديقها في اليوم أو في ضحى الغد

لـيهن أبـا بكـر سـعادة جده * بصحبتـهِ مـن يسعدِ الله يسـعد

لـيهن بنـي كعبٍ مكانَ فتاتهم * ومقعدهـا لـلمؤمنيـن بـمرصـد

وقال لنا مجاهد عن مكرم‏:‏ في أشفاره وطف وهو الطول‏.‏

وقال لنا مكرم‏:‏ لا يأس من طول والصواب لا يتشنى من طول‏.‏

وقال لنا عن مكرم‏:‏ لا عايس ولا مفند يعني لا عابس ولا مكذب‏.‏

رواه الطبراني وفي إسناده جماعة لم أعرفهم‏.‏

وقد ورد حديث أم معبد من طريق سليط ذكرته في علامات النبوة في صفته صلى الله عليه وسلم‏.‏

9911-وعن قيس بن النعمان قال‏:‏

لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر مستخفيان نزلا بأبي معبد فقال‏:‏ والله ما لنا شاة وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - أحسبه - ‏:‏ ‏"‏فما تلك الشاة‏؟‏‏"‏‏.‏ فأتى بها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها ثم حلب عساً فسقاه ثم شربوا فقال‏:‏ أنت الذي تزعم قريش أنك صابئ‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إنهم يقولون‏"‏‏.‏ قال‏:‏ أشهد أن ما جئت به حق،ثم قال‏:‏ أتبعك‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏لا،حتى تسمع أنا قد ظهرنا‏"‏‏.‏ فاتبعه بعد‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9912-وعن فائد مولى عبادل قال‏:‏ خرجت مع إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة فأرسل إبراهيم بن عبد الرحمن إلى ابن سعد حتى إذا كنا بالعرج أتانا ابن سعد وسعد الذي دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق ركوبه فقال إبراهيم‏:‏ أخبرني ما حدثك أبوك قال ابن سعد‏:‏ حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم ومعه أبو بكر وكانت لأبي بكر عندنا بنت مسترضعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاختصار في الطريق إلى المدينة فقال له سعد‏:‏ هذا الغائر من ركوبه وبه لصان من أسلم يقال لهما‏:‏ المهانان فإن شئت أخذنا عليهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏خذ بنا عليهما‏"‏‏.‏ قال سعد‏:‏ فخرجنا حتى إذا أشرفنا إذا أحدهما يقول لصاحبه‏:‏ هذا اليماني،فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الإسلام فأسلما ثم سألهما عن أسمائهما فقالا‏:‏ نحن المهانان قال‏:‏ ‏"‏بل أنتما المكرمان‏"‏‏.‏ وأمرهما أن يقدما عليه المدينة فخرجنا حتى إذا أتينا ظاهر قباء فتلقى بنو عمرو بن عوف فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أين أبو أمامة أسعد بن زرارة‏؟‏‏"‏‏.‏ فقال سعد بن خيثمة‏:‏ إنه قد أصاب قبلي يا رسول الله أفلا أخبره بك‏؟‏ ثم مضى حتى إذا طلع على النخل فإذا الشِرب مملوء فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقال‏:‏

‏"‏يا أبا بكر هذا المنزل رأيتني أنزل إلى حياض كحياض بني مدلج‏"‏‏.‏

رواه عبد الله بن أحمد‏.‏ وابن سعد اسمه عبد الله ولم أعرفه،وبقية رجاله ثقات‏.‏

9913-وعن أسماء بنت أبي بكر قالت‏:‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر معه ماله كله خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم فانطلق بها معه،قالت‏:‏ فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال‏:‏ والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه،قالت‏:‏ قلت‏:‏ كلا يا أبت قد ترك لنا خيراً كثيراً،قالت‏:‏ فأخذت أحجاراً فجعلتها في كوة في البيت كان أبي يجعل فيها ماله ثم جعلت عليها ثوباً ثم أخذت بيده فقلت‏:‏ ضع يا أبت يدك على هذا المال قالت‏:‏ فوضع يده عليه فقال‏:‏ لا بأس إن كان ترك لكم هذا لقد أحسن وفي هذا لكم بلاغ قالت‏:‏ ولا والله ما ترك لنا شيئاً ولكن أردت أن أسكن الشيخ بذلك‏.‏

رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع‏.‏

9914-وعن أنس بن مالك قال‏:‏ لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب وأبو بكر ردفه وأبو بكر يعرف في الطريق لاختلافه بالشام فكان يمر بالقوم فيقولون‏:‏ من هذا بين يديك‏؟‏ فيقول‏:‏ هذا يهديني،فلما دنا من المدينة بعث إلى القوم الذين أسلموا من الأنصار إلى أبي أمامة وأصحابه فخرجوا إليهما فقالوا‏:‏ ادخلا آمنين مطاعين فدخلا - فذكر الحديث - ‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9915-وعن صهيب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أرأيت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرة فإما أن تكون هجر وإما أن تكون يثرب‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وخرج معه أبو بكر وكنت قد هممت أن أخرج معه وصدني فتيان من قريش،فجعلت ليلتي تلك أقوم ولا أقعد فقالوا‏:‏ قد شغله الله عنكم ببطنه ولم أكن شاكياً فناموا فخرجت فلحقني منهم ناس بعد ما سرت يريدون ردي فقلت لهم‏:‏ هل لكم أن أعطيكم أواق من ذهب وحلة سيراء بمكة وتخلون سبيلي وتوثقون ‏[‏لي‏]‏ ففعلوا فتبعتهم إلى مكة فقلت‏:‏ احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواق واذهبوا إلى فلانة بآية كذا وكذا فخذوا الحلتين،وخرجت حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏قباء‏]‏ قبل أن يتحول منها فلما رآني قال‏:‏ ‏"‏يا أبا يحيى ربح البيع‏"‏ ثلاثاً‏.‏ فقلت‏:‏ يا رسول الله ما سبقني إليك أحد وما أخبرك إلا جبريل صلى الله عليه وسلم‏.‏

رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم‏.‏

قلت‏:‏ ولصهيب حديث آخر سهوت عنه يأتي في آخر هذا الباب‏.‏

9916-وعن البراء قال‏:‏ كان أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخي بني عبد الدار بن قصي فقلت له‏:‏ ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ هو مكانه وأصحابه على أثري‏.‏

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح‏.‏

9917-وعن عمر بن الخطاب قال‏:‏ كنا قد استبطأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القدوم علينا وكانت الأنصار يغدون إلى ظهر الحرة فيجلسون حتى يرتفع النهار فإذا ارتفع النهار وحميت الشمس رجعت إلى منازلها فقال عمر‏:‏ كنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رجل من اليهود قد أوفى على أطم من آطامهم فصاح بأعلى صوته‏:‏ يا معشر العرب هذا صاحبكم الذي تنتظرون،قال عمر‏:‏ سمعت الوجبة في بنى عمرو بن عوف فأخرجت رأسي فإذا المسلمون قد لبسوا السلاح فانطلقت مع القوم عند الظهيرة فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات اليمين حتى نزل في بني عمرو بن عوف‏.‏

رواه البزار وفيه عبد الله بن زيد بن اسلم وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره‏.‏

9918-وعن عمر بن الخطاب قال‏:‏ اجتمعنا للهجرة أو عدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص الميضاة ميضاة بني غفار فوق شرف وقلنا‏:‏ أيكم لم يصبح عندها فقد احتبس فليمض صاحبه فحبس عنا هشام بن العاص فلما قدمنا منزلنا في بني عمرو بن عوف وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي ربيعة وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما حتى قدما علينا المدينة فكلماه فقالا له‏:‏ إن أمك نذرت أن لا تمس رأسها مشط حتى تراك فرق لها،فقلت له‏:‏ يا عياش والله إن يردك القوم إلا عن دينك فاحذرهم فوالله لو قد آذى أمك القمل لامتشطت ولو قد اشتد عليها حر مكة - أحسبه قال - لامتشطت،قال‏:‏ إن لي هناك مالاً فآخذه‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ والله إنك لتعلم أني من أكثر قريش مالاً فلك نصف مالي

ولا تذهب معهما فأبى إلا أن يخرج معهما فقلت له لما أبى علي‏:‏ أما إذ فعلت ما فعلت فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة ذلل فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فأنخ عليها،فخرج معهما عليها حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال أبو جهل بن هشام‏:‏ والله لقد استبطأت بعيري هذا أفلا تحملني على ناقتك هذه‏؟‏ قال‏:‏ بلى فأناخها وأناخا ليتحول عليها فلما استووا بالأرض عديا عليه فأوثقاه ثم أدخلاه مكة وفتناه فافتتن قال‏:‏ فكنا نقول‏:‏ والله لا يقبل الله ممن افتتن صرفاً ولا عدلاً ولا يقبل توبة قوم عرفوا الله ثم رجعوا إلى الكفر لبلاء أصلبهم قال‏:‏ وكانوا يقولون ذلك لأنفسهم،فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنزل الله عز وجل فيهم وفي قولنا لهم وقولهم لأنفسهم‏:‏ ‏{‏يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وأنتم لا تشعرون‏}‏ قال عمر‏:‏ فكتبتها في صحيفة وبعثت بها إلى هشام بن العاص قال هشام‏:‏ فلم أزل أقرؤها بذي طوى أصعد بها فيه حتى فهمتها قال‏:‏ فألقي في نفسي أنها إنما نزلت فينا وفيما كنا نقول في أنفسنا ويقال فينا فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة‏.‏

رواه البزار ورجاله ثقات‏.‏

9919-وعن عروة قال‏:‏ خرج عمر بن الخطاب وعياش بن أبي ربيعة في أصحاب لهم فنزلوا في بنى عمرو بن عوف فطلب أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام عياش بن أبي ربيعة وهو أخوهما لأمهما فقدما المدينة فذكرا له حزن أمه فقالا‏:‏ إنها حلفت أن لا يظلمها بيت ولا يمس رأسها دهن حتى تراك ولولا ذلك لم نطلبك فنذكرك الله في أمك وكان بها رحيماً وكان يعلم من حبها إياه ورقها - يعني عليه - ما كان يصدقهما به فرق لها لما ذكروا له وأبى أن يتبعهما حتى عقد له الحارث بن هشام،فلما خرج معهما أوثقاه فلم يزل هناك موثقاً حتى خرج مع من خرج قبل فتح مكة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بالخلاص والحفظ‏.‏

رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف‏.‏ ورواه أيضاً عن ابن شهاب مرسلاً ورجاله ثقات‏.‏

9920-وعن ابن عمر قال‏:‏ كنا نقول‏:‏ ليس لمن افتنن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته‏.‏ فأنزل الله فيهم‏:‏ ‏{‏يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون‏}‏ فكتبتها بيدي ثم بعثت بها إلى هشام بن العاص بن وائل،قال هشام‏:‏ فلما جاءتني صعدت بها وأقول فلا أفهمها فوقعت في نفسي أنها نزلت فينا وما كنا نقول،فجلست على بعيري ثم لحقت بالمدينة وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظر أن يؤذن له وأصحابه من المهاجرين قدموا أرسالاً وقد كان أبو بكر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال‏:‏

‏"‏لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحباً‏"‏‏.‏ فطمع أبو بكر أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني نفسه - وكان أبو بكر قد أعد لذلك راحلتين يعلفهما في داره‏.‏

رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن بشير الدمشقي ضعفه أبو حاتم‏.‏

9921-وعن ابن عمر قال‏:‏ لعن الله من يزعم أني هاجرت قبل أبي إنما قدمني في ثَقَله‏.‏

رواه الطبراني وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف‏.‏

9922-وعن ابن إسحاق قال‏:‏ نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن هدم أخي بني عمرو بن عوف ويقال‏:‏

بل نزل على سعد بن خيثمة فأقام في بني عمرو بن عوف وأدركته الجمعة في بني سالم بن عوف فصلى الجمعة الكبرى في المسجد ببطن الوادي‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء مسجده في تلك السنة‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

9923-وعن عاصم بن عدي قال‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول فأقام بالمدينة عشر سنين‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

9924-وعن عبد الله بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فاستناخت به راحلته بين دار جعفر بن محمد بن علي ودار الحسن بن زيد فأتاه الناس فقالوا‏:‏ يا رسول الله المنزل،فانبعث به راحلته فقال‏:‏ ‏"‏دعوها فإنها مأمورة‏"‏‏.‏ ثم خرجت به حتى جاءت به موضع المنبر فاستناخت به ثم تجلجلت ولناس ثم عريش كانوا يرشونه ويعمرونه ويتبردون فيه حتى نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن راحلته فآوى إلى الظل فنزل فيه فأتاه أبو أيوب فقال‏:‏ يا رسول الله منزلي أقرب المنازل إليه فانقل رحلك قال‏:‏ ‏"‏نعم‏"‏‏.‏ فذهب برحله إلى المنزل ثم أتاه رجل آخر فقال‏:‏ يا رسول الله انزل علي فقال‏:‏ ‏"‏إن الرجل مع رحله حيث كان‏"‏‏.‏ وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في العريش اثنتي عشرة ليلة حتى بنى المسجد‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه صديق بن موسى قال الذهبي‏:‏ ليس بالحجة‏.‏

9925-وعن ابن إسحاق قال‏:‏ نزل أبو بكر على حبيب ويقال‏:‏ خبيب - ابن يساف - أخي الحارث بن الخزرج بالسُّنح‏.‏ ويقال‏:‏ بل نزل على خارجة بن زيد بن أبي زهير أخي بني الحارث بن الخزرج‏.‏

رواه الطبراني ورجاله ثقات‏.‏

9926-وعن ابن عباس أن عبد الله بن جحش وكان آخر من بقي ممن هاجر وكان قد كف بصره فلما أجمع على الهجرة كرهت امرأته ذلك بنت حرب بن أمية وجعلت تشير عليه أن يهاجر إلى غيره فهاجر بأهله وماله مكتتماً من قريش حتى قدم المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثب أبو سفيان بن حرب فباع داره بمكة فمر بها بعد ذلك أبو جهل ابن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وحويطب بن عبد العزى وفيها أهب معطونة فذرفت عينا عتبة وتمثل ببيت من شعر‏:‏

كل دار وإن طالت سلامتها * يوماً سيدركها النكباء والحوب

قال أبو جهل‏:‏ وأقبل علي العباس فقال‏:‏ هذا ما أدخلتم علينا فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح قام أبو أحمد ينشد داره فأمر النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان فقام إلى أبي أحمد فانتحاه فسكت أبو أحمد عن نشيد داره قال ابن عباس‏:‏ وكان أبو أحمد يقول - والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ على يده يوم الفتح - ‏:‏

حبذا مكة من وادي * بها أمشي بلا هادي

بـها يكثر عـوادي * بـها تركز أوتادي

رواه الطبراني وفيه عبد الله بن شبيب وهو ضعيف‏.‏

9927-وعن ابن عباس قال‏:‏ كان قدومنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس من الهجرة خرجنا متوصلين مع قريش عام الأحزاب وأنا مع أخي الفضل ومعنا غلامنا أبو رافع حتى انتهينا إلى العرج فضل لنا في الطريق ركوبة وأخذنا في ذلك الطريق على الجثجاثة حتى خرجنا على بني عمرو بن عوف حتى دخلنا المدينة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وأنا يومئذ ابن ثمان سنين وأخي ابن ثلاث عشرة سنة‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط من طريق عبد الله بن محمد بن عمارة الأنصاري عن سليمان بن داود بن الحصين وكلاهما لم يوثق ولم يضعف،وبقية رجاله ثقات‏.‏

9928-وعن صهيب أن المشركين لما أطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبلوا على الغار وأدبروا قال‏:‏ واصهيباه ولا صهيب لي فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج بعث أبا بكر مرتين أو ثلاثاً إلى صهيب فوجده يصلي فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ وجدته يصلي فكرهت أن أقطع عليه صلاته،فقال‏:‏ ‏"‏أصبت‏"‏‏.‏ وخرجا من ليلتهما فلما أصبحا خرج حتى إذا أتى أم رومان زوجة أبي بكر فقالت‏:‏ ألا أراك ههنا وقد خرج أخواك ووضعنا لك شيئاً من أزوادهما‏؟‏ قال‏:‏ فخرجت حتى أتيت على

زوجتي أم عمرو فأخذت سيفي وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأجده وأبا بكر جالسين،فلما رآني أبو بكر قام إلي فبشرني بالآية التي نزلت فيّ،وأخذ بيدي فلمته بعض اللائمة فاعتذر وربحني رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ربح البيع‏"‏‏.‏

رواه الطبراني وفيه محمد بن الحسن بن زبالة وهو متروك‏.‏

 باب فيمن اختار الهجرة

9929-عن حذيفة قال‏:‏ خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الهجرة والبصرة فاخترت الهجرة‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وهو حسن الحديث‏.‏

 باب علو أمره على من عاداه

9930-عن زياد بن جهور قال‏:‏ ورد عليّ كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه‏:‏

‏"‏بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زياد بن جهور سلم أنت سلام عليك إني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني أذكرك الله واليوم الآخر‏.‏

أما بعد‏:‏ فليوضعن كل دين دان به الناس إلا الإسلام فاعلم ذلك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الثلاثة وفيه من لم أعرفهم‏.‏

9931-وعن جبير بن مطعم‏:‏ قال المطعم بن عدي‏:‏ إنكم قد فعلتم بمحمد ما فعلتم فكونوا أكف الناس عنه،فقال أبو جهل‏:‏ بل كونوا أشد ما كنتم،فقال الحارث بن عامر بن نوفل‏:‏ والله لا يزال أمر محمد صلى الله عليه وسلم ظاهراً فيما ناداكم أو أسر منكم‏.‏

قال أبو يوسف‏:‏ قتل الحارث يوم بدر كافراً‏.‏

رواه الطبراني وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف مدلس وقد وثق‏.‏

 باب نصره بالريح والرعب

9932-عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله ثقات‏.‏

9933-وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏

‏"‏نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور‏"‏‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط بإسنادين رجال أحدهما ثقات‏.‏

9934-وعن أبي سعيد قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏

‏"‏أعطيت خمساً لم يعطها نبي قبلي‏:‏ بعثت إلى الأحمر والأسود وإنما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث إلى قومه ونصرت بالرعب مسيرة شهر،وأطعمت المغنم ولم يطعمه أحد كان قبلي‏"‏‏.‏

فذكر الحديث وهو وبقية الأحاديث بنحوه في علامات النبوة‏.‏

رواه الطبراني في الأوسط وفيه عطية وهو ضعيف‏.‏

9935-وعن معاوية بن حيدة القشيري قال‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلما دفعت إليه قال‏:‏

‏"‏أما إني قد سألت الله أن يغنيني بالسنة تحفيكم وبالرعب يجعله في قلوبكم‏"‏‏.‏

فقال بيديه جميعاً‏:‏ أما إني قد حلفت هكذا وهكذا أن لا أؤمن بك ولا أتبعك فما زالت السنة تحفيني وما زال الرعب يجعل في قلبي قمت بين يديك‏.‏

قلت‏:‏ رواه النسائي وغيره غير ذكر الرعب والسنة

رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن‏.‏

9936-وعن ابن عباس قال‏:‏ أتت الصبا الشمال ليلة الأحزاب فقالت‏:‏ مري حتى ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الشمال‏:‏ إن الحرة لا تسري بالليل فكانت الريح التي نصر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبا‏.‏

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب قوله‏:‏ بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده

تقدم‏.‏

 باب الغزو في الشهر الحرام

9937-عن جابر بن عبد الله أنه قال‏:‏ لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى أو يغزوا فإذا حضر ذلك أقام حتى ينسلخ‏.‏

رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح‏.‏

 باب في أول أمير كان في الإسلام

9938- عن سعد بن أبي وقاص قال‏:‏ لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جاءت جهينة فقالوا‏:‏ إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك تؤمننا فأوثق لهم فأسلموا‏.‏

قال‏:‏ فبعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجب ولا نكون مائة وأمرنا أن نغير على حي من بني كنانة إلى جنب جهينة فأغرنا عليهم وكانوا كثيراً فلجأنا إلى جهينة فمنعونا وقالوا‏:‏ لم تقاتلون في الشهر الحرام‏؟‏ فقلنا‏:‏ إنا إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام،فقال بعضنا لبعض‏:‏ ما ترون‏؟‏ فقال بعضنا‏:‏ نأتي النبي صلى الله عليه وسلم فنخبره،وقال قوم‏:‏ لا بل نقيم ههنا،وقلت أنا في أناس معي‏:‏ لا بل نأتي غير قريش فنقتطعها،فانطلقنا إلى العير ‏[‏وكلن الفيء إذ ذاك‏:‏ من أخذ شيئاً فهو له فانطلقنا إلى العير‏]‏ وانطلق أصحابنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر فقام غضبان محمر الوجه فقال‏:‏

‏"‏أذهبتم من عندي جميعاً وجئتم متفرقين،إنما أهلك من كان قبلكم الفرقة لأبعثن عليكم رجلاً ليس بخيركم أصبركم على الجوع والعطش‏"‏‏.‏ فبعث علينا عبد الله بن جحش فكان أول أمير كان في الإسلام‏.‏

رواه أحمد ورواه ابنه عنه وجادة ووصله عن غير أبيه،ورواه البزار ولفظه‏:‏

عن سعيد قال‏:‏ أول أمير عقد له في الإسلام عبد الله بن جحش عقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا‏.‏

وفيه المجالد بن سعيد وهو ضعيف عند الجمهور ووثقه النسائي في رواية،ورقية رجال أحمد رجال الصحيح‏.‏

9939-وعن زر قال‏:‏

أول راية رفعت في الإسلام راية عبد الله بن جحش وأول مال خمس في الإسلام مال عبد الله بن جحش‏.‏

رواهما الطبراني بإسناد واحد وهو إسناد حسن‏.‏

 باب سرية حمزة رضي الله عنه

9940-عن جبير بن مطعم قال‏:‏ قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفه عن حمزة‏:‏ يا معشر قريش إن محمداً قد نزل يثرب وأرسل طلائعه وإنما يريد أن يصيب منكم شيئاً فاحذروا أن تمروا طريقه وأن تقاربوه فإنه كالأسد الضاري إنه حنق عليكم لقيتموه نفى القردان على المناسم والله إن له لسجرة ما رأيته قط ولا أحداً من أصحابه إلا رأيت معهم الشياطين وإنكم قد عرفتم عداوة ابني قيلة فهو عدو استعان بعدو،فقال له مطعم بن عدي‏:‏ يا أبا الحكم والله ما رأيت أحداً أصدق لساناً ولا أصدق موعداً من أخيكم الذي طردتم فإذ فعلتم الذي فعلتم فكونوا أكف الناس عنه فقال أبو سفيان بن الحارث‏:‏ كونوا أشد ما كنتم عليه فإن ابني قيلة إن ظفروا بكم لا يرقبوا فيكم إلاً ولا ذمة وإن أطعتموني ألحقوهم خبر كنانة أو تخرجوا محمداً من بين أظهرهم فيكون وحيداً طريداً وأما ابنا قيلة فوالله ما هما وأهل دهلك في المذلة إلا سواء وسأكفيكم حدهم وقال‏:‏

سأمنح جانباً مني غليظاً * على ما كان من قرب وبعد

رجال الخزرجية أهل ذل * إذا مـا كان هزل بعد جد

فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏والذي نفسي بيده لأقتلنهم ولأصلبنهم ولأهدينهم وهم كارهون إني رحمة بعثني الله عز وجل ولا يتوفاني حتى يظهر الله دينه‏"‏‏.‏ فذكر الحديث‏.‏

رواه الطبراني وجادة من طريق أحمد بن صالح المصري قال‏:‏ وجدت في كتاب بالمدينة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي ورجاله ثقات‏.‏

 باب ما جاء في غزوة الأبواء

9941-عن عمرو بن عوف المزني قال‏:‏ غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أول غزوة غزاها الأبواء حتى إذا كنا بالروحاء نزل بعرق الظبية فصلى ثم قال‏:‏

‏"‏هل تدرون ما اسم هذا الجبل‏؟‏‏"‏‏.‏ قالوا‏:‏ الله ورسوله أعلم،قال‏:‏ ‏"‏هذا خمت هذا من جبال الجنة اللهم بارك فيه وبارك لأهله‏"‏‏.‏ وقال للروحاء‏:‏ ‏"‏هذه سجاسج وادي من أودية الجنة،لقد صلى في هذا المسجد قبلي سبعون نبياً ولقد مر به موسى عليه عباءتان قطوانيتان على ناقة ورقاء في سبعين ألفاً من بني إسرائيل حاجين البيت العتيق ولا تقوم الساعة حتى يمر به عيسى بن مريم عبد الله ورسوله حاجاً أو معتمراً أو يجمع الله له ذلك‏"‏‏.‏

رواه الطبراني من طريق كبير بن عبد الله المزني وهو ضعيف عند الجمهور وقد حسن الترمذي حديثه،وبقية رجاله ثقات‏.‏ ويأتي حديث عمار في مناقب علي رضى الله عنه‏.‏